الحيات: فإنّها أعداء، وذلك أنّ إبليس اللعين توسل بها إلى آدم عليه السلام. وعداوة كل حية على قدر نكبتها وعظمها وسمها، وربما كانت كفاراً، وأصحاب بدع، لما معها من السم. وربما دلت على الزناة ولدغهم وطبعهم، وربما أخذت الحياة من اسمها، مثل أن ترى في الفدادين أو تنساب تحت الشجر، فيها مياه وسيوِل، وقد شبهوا نفخها بحسو الماء. وقد تكون الحية سلطاناً، وقد تكون زوجة وولداً، لقوله تعالى: " إنَّ مِنْ أزْواجِكْم وأوْلادكُم عَدُوّاً لكُم فاحْذروهم " ومن قاتل الحية أو نازعها، قاتل عدواً، فإن قتلها ظفر بعدوه، وإن لدغته ناله مكروه من عدوه بقدر مبلغ النهشة. وأكل لحمها، مال من عدو وسرور وغبطة. وإن لدغته بنصفين، انتصف من عدوه. ومن كلمته الحية بكلام لين ولطف، أصاب خيراً يعجب الناس منه، فإن رأى حية ميتة، فهو عدو يكفيه الله شره بغير حول ولا قوة. وبيضها أصعب الأعداء، وسودها أشدهم. فإن رأى أنّه ملك من سود الحياة العظام جماعة، قاد الجيوش ونالت ملكاً عظيماً. فإن أصاب حية ملساء تطيعه، ولا غائلة ولا صلاح يؤذي، أصاب كنزاً من كنوز الملوك، وربما كانت جده إذا كانت بهذه الصفة. ومن تخوف حية ولم يعاينها، فهو أمن له من عدوه، وإن عاينها وخافها، فهو خوف، وكذلك كل خوف، وكذا كل شيء يخافه ولا يعاينه، وخروج الحية من الإحليل ولد، ومن أدخل حية بيتاً مكر به عدوه، فمن رأى أنّه أخذها، فإنّه يصير إليه مال من عدو في أمن، لقوله تعالى: " خُذّها ولا تَخفْ " . والحية الصغيرة ولد. وإن رأى الحيّات تقتتل في السوق، وقعت الحرب وظفر بالأعداء. والحية سلطان كتوم العداوة، فإن رأى أنّ حية تخرج من ذكره مرة وترجع إليه مرة، فإنّه يخونه. والحية امرأة، فمن رأى أنّه قتل حية على فراشه، ماتت امرأته، فإن رأى في عنقه حية فقطعها ثلاث قطع، فإنّه يطلق امرأته ثلاثاً وقوائم الحية وأنيابها قوة العدو وشدة كيده. ومن تحول حية، فإنّه يتحول من حال إلى حال، ويصير عدواً للمسلمين، فإن رأى بيته مملوءاً من الحيات لا يخافها، فإنّه يؤوي في بيته أعداء المسلمين، وأصحاب الأهواء، والحيات المائية مال، فإن رأى في جيبه أو كمه حية صغيرة بيضاء لا يخافها، فإنّها جده، فإن رأى حية تمشي خلفه، فإنّ عدوه يريد أن يمكر به، فإن مشت بين يديه أو دارت حوله، فإنّهم أعداء يخالطونه ولا يمكنهم مضرته، فإن رأى حيات تدخل بيته وتخرج من غير مضرة، فإنّهم أعدائه من أهل بيته وقراباته، فإن رآها في غير بيته، فالأعداء غرباء. ولحم الحية وشحمها مال عدو خلال، وترياق من عدو، فإن رأى الحيات تقاتل في كل ناحية، فقتل منهن حية عظيمة، فإنّه يملك تلك البلدة. فإن كانت الحية المقتولة مثل سائر الحيات، قتل أحد جنود الملك، فإن كانت الحية تصعد في علو، أصاب راحة وفرحاً وسروراً، فإن رأى حية تنحدر من علو، مات رئيس في ذلك المكان. فإن رأى حية خرجت من الأرض، فهو عذاب في ذلك الموضع. فإن رأى بستانه مملوءاً حيات، فإنّه البستان ينمو والنبات الذي فيه يزيد ويحيا. وحكي أن رجلاً اتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن حية تسعى وأنا أتبعها، فدخلت جحراً، وفي يدي مسحاة فوضعتها على الجحر. فقال: أتخطب امرأة؟ قال: نعم. قال: إنك ستتزوجها وترثها، فتزوجها فماتت عن سبعة آلاف درهم. ورأى آخر كأن بيته مملوء حيات، فقص رؤياه على ابن سيرين فقال: اتقِ الله ولا تؤوي عدو المسلمين. وجاءته امرأة فقالت: يا أبا بكر، امرأة رأت جحرين خرج منهما حيتان، فقام إليهما رجلان واحتلبا من رأسيهما لبناً، فقال ابن سيرين: الحية لا تحلب لبناً إنما تحلب السم. وهذه امرأة يدخل عليها رجلان من رؤوس الخوارج، يدعوانها إلى مذهبهما، وإنما يدعوانها إلى شتم الشيخين رضي الله عنهما. وأما حيات البطن فهم الأقارب، وخروجها من الرجل مصيبة في قريب الرجل.