الخمر: في الأصل مال حرام بلا مشقة، فمن رأى أنّه يشرب الخمر فإنّه يصيب إثماً كثيرأ ورزقاً واسعاً، لقوله عزّ وجلّ: " يَسْسألونَكَ عن الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فيهما إثْمٌ كَبِيرٌ وَمنَافِعُ للنّاس وإثْمُهمَا أكْبَرُ مِنْ نَفْعِهمَا " . ومنِ رأى أنّه شربها ليس له من ينازعه فيها، فإنّه يصيب مالاً حراماً، وقالوا بل مالاً حلالاً. فإن شربها وله من ينازعه فيها فإنّه ينازعه في الكلام والخصومة بقدر ذلك. فإن رأى أنّه أصاب نهراً من خمر، فإنّه يصيب فتنة في دنياه. فإنه دخله وقع في فتنة بقدر ما نال منه. وقال بعض المعبرين: ليس كثرة شرب الخمر في الرؤيا رديئة فقط، فإن رأى الإنسان كأنه بين جماعة كثيرة يشوبون الخمر، فإن ذلك رديء، لأن كثرة الشراب يتبعه السكر، والسكر فيه سبب الشغب والمضادة والقتال. وقال الخمر لمن أراد الشركة والتزويج موافقة بسبب امتزاجها. وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّه مسود الوجه محلوق الرأس يشرب الخمر، فقص رؤياه على معبر، فقال: أما سواد الوجه، فإنّك تسود قومك، وأما حلق الرأس فإنّ قومك يذهبون عنك ويذهب أمرك، وأما شرب الخمر فإنّك تحوز امرأة. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن بين يدي إناءين في أحدهما نبيذ وفي الآخر لبن. فقال: اللبن عدل، والنبيذ عزل، فلم يلبث أن عزل وكان والياً. وشرب الخمر للوالي عزل، وصرف نبيذ التمر مال فيه شبهة، وشرب نبيذ التمر اغتمام. وقد اختلفوا في شرب الخمر الممزوجة ماء، فقيل ينال مالاً بعضه حلال وبعضه حرام، وقيل يصيب مالاً في شركة، وقيل يأخذ من امرأة مالاً ويقع في فتنة. والسكر من غير شراب هم وخوف وهول. لقوله تعالى: " وتَرَى النّاس سُكَارَى ومَا هُمْ بسُكَارَى " . والسكر من الشراب مال وبطر وسلطان يناله صاحب الرؤيا. والسكر من الشراب أمن الخوف، لأنّ السكران لا يفزع من شيء. فإن رأى أنّه سكر ومزق ثيابه. فإنّه رجل إذا اتسعت دنياه بطر، ولا يحتمل النعم، ولا يضبط نفسه. ومن شرب خمراً وسكر منها أصاب مالاً حراماً، ويصيب من ذلك المال سلطاناً بقدر مبلغ السكَر منه. وقيل إنّ السكر رديء للرجال والنساء، وذلك أنّه يدل على جهل كثير، ورأى رجل كأنّه ولي ولاية فركب في عمله مع قوم، فلما أراد أن ينصرف وجدهم سكارى أجمعين، فلم يقدر على أحد منهم، وأقام كل واحد على سكره. فقصها على ابن سيرين فقال: إنّهم يتمولون ويستغنون عنك ولا يجيبونك ولا يتبعونك.