الملح: فقال القيرواني أنّه يدل على مال عليه التراب من الأموال، لأنّه من الأرض، سيما أنّ به صلاح أقوات النفس، فهو بمنزلة الدراهم والأموال التي بها صلاح الخلق ومعايشهم. ويدل أبيضه على بيض الدراهم، وأسوده على سود الدراهم، ومطيبه على الذهب. والمال الحلال، وربما دل على الدباغ، لأنّ كليهما أموال وعروض وغنائم، وهو دباغ بالحقيقة، وربما دل على الفقه والسنن والأديان، لأنّ به صلاح ما به معاشه، ويخشى منه كقول بعض الحكماء في فساد العلماء: بالملح يصلح ما يخشى تغيره ... فكيف بالملح إن حلت به الغير وربما دل الشفاء من الأسقام، لما جاء في بعض الآثار أنَّ فيه شفاء من اثنين وسبعين داء. وربما دلت السبخة على دار العلم، وحلقة الذكر، ودكان المتطبب، ومعدن الفضة والأندر والجرين، وعلى المرأة العقيم ذات المال والغلات، فمن استفاد ملحاً في المنام أو ورثه وهب له أو نزل عليه من السماء أو استقاه بالرشاء نظرت إلىِ حاله، فإن كان سقيماً بشرته بالصحة. وإن كان طالباً للعلم ظفر بالفقه، وإن كان طالباً للدنيا عبرته له بالمال، وخليق أن تكون فائدته وكسبه له من أسباب الملح أو الملوحة، كالجلاد والدباغ والمسافر في البحر والصياد وبائع الزيتون والملوحة وإن مرّ بسبخة في منامه وأخذ من ملحها في وعائه وأداه إلى بيته، فإما دواء يأخذ من طبيب، أو جواب يأخذه من فقيه، أو مال يأخذه من عجوز عقيم، أو سلعة من الملوحات يشتريها من بائعها أو جلابها أو عاملها أو أصلها ومكانها.