البحيرة: تدل على امرأة ذات يسار تحب المباشرة، لأنّ البحيرة واقفة لا تجري، وهي تقتل من يقع فيها ولا تدفعه. والموجِ شدة وعذاب، لقوله تعالى: " غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُلَل " . وقال تعالى: " وحَالَ بَيْنهمَا الموج " . وحكي أن تاجراً رأى كأنّه يمشي في البحر ففزع فزعاً شديداً لهيبة البحر، فقص رؤياه على معبر. فقال: إن كنت تريد السفر فإنّك تصيب خيراً. وذلك أنّ رؤياه تدل على ثبات أموره. ورأى رجل كأنّ ماء البحر غاض حتى ظهرت حافتاه. فقصها على ابن مسعدة فقال: بلاء ينزل على الأرض من قبل الخليفة، أو قحط في البلدان، أو سلب مال الخليفة. فما كان إلا يسيراً حتى قتل الخليفة ونهب ماله وقحطت البلدان. ومن رأى كأنّه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً. وإذا رأى أنّ ماء البحر أو غيره من المياه زاد حتى جاوز الحد وهو معنى المد حتى دخل الدور والمنازل والبيوت، فأشرف أهلها على الغرق، فإنّه يقع هناك فتنة عظيمة. والأصل في الماء الغالب هم وفتنة، لأنّ الله تعالى سمى غلبته وكثرته طغيانَاً، وقال إنّ الغرق يدل على ارتكاب مصيبة كبيرة وإظهار بدعة، والموت في الغرق موت على الكفر. وأما الكافر إذا رأى أنّه غرق في الماء فإنّه يؤمن، لقوله تعالى: " حتّى إذَا أدرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ " الآية. ومن رأى كأنّه غرق وغاص في البحر فإنَّ السلطان يهلكه. فإن رأى كأنّه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو مرة ويحرك يديه ورجليه، فإنّه ينال ثروة ودولة. فإن رأى كأنّه خرج منه ولم يغرق فإنّه يرجع إلى أمر الدين، خصوصاً إذا رأى على نفسه ثياباً خضراً. وقيل من رأى أنّه مات غريقاً في الماء كاده عدوه والغرق في الماء الصافي غرق في مال كثيرة. وأما السباحة: فمن رأى أنّه يسبح في البحر وكان عالماً بلغ في العلم حاجته، فإن سبح في البر فإنّه يحبس وينال ضيقاً في محبسه ويمكث فيه بقدر صعوبة السباحة أو سهولتها، وبقدر قوته. فإن رأى أنّه يسبح في واد مستوياً حتى يبلغ موضعاً يريده فإنّه يدخل في عمل سلطان جائر جبار يطلب منه حاجة يقضيها له ويتمكن منه ويؤمنه الله تعالى على قدر جريه في الوادي. فإن خافه فإنّه يخاف سلطاناً كذلك وإن نجا فإنّه ينجو منه، وإن دخل لجة البحر وأحسن السباحة فيها فإنّه يدخل في أمر كبير وولاية عظيمة ويتمكن من الملك وينال عزاً وقوة. وإن سبح على قفاه فإنّه يتوب ويرجع عن معصية. ومن سبح وهو يخاف فإنّه ينال خوفاً أو مرضاً أو حبساً وذلك بقدر بعده من البر. وإن ظن أنّه لا ينجو منه فإنّه يموت في ذلك الهم، وإن كان جريئاً في سباحته فإنّه يسلم من ذلك العمل. وإن رأى سلطان أنّه يريد أن يسبح في بحر والبحر مضطرب بموجه فإنّه يقاتل ملكاً من الملوك، فإن قطع البحر بالسباحة قتل ذلك الملك. وكل بحر أو نهر أو واد جف فإنّه ذهاب دولة من ينسب إليه، فإن عاد الماء عادت الدولة. وقيل إذا رأى الإنسان كأنّه قد نجا من الماء سباحة قبل انتباهه من نومه فهو خير من أن ينتبه وهو في الماء يسبح. وقيل من رأى كأنّه يسبح، خاصم خصماً وغلب خصمه ونصر عليه. والمشي فوق الماء في بحر أو نهر يدل على حسن دينه وصحة يقينه، وقيل بل يتيقن أمراً هو منه في شك، وقيل يسافر سفراً في خطر على توكل. ومن رأى كأن الماء يجري على سطحه أصابته بلية من السلطان دالة على رجِل المسلط الذي لا يقدر عليه إلا بملاطفة، لجريانه وسلطانه. والراكد منه أهون مراماً وألطف أمراً، ويدل على المحارب القاطع للطريق، فإن كان مسافراً قطع عليه الطريق لص أو أسد، أو عقله عن سفره مطر أوِ سلطان أو صاحب مكس. وإن كان حاضراً نالته غمة وبلية لقوله تعالى: " مُبْتَلْيِكُمْ بِنهْر " . وأما سلطان يقدم إليه، سيما إن دخل فيه. فإما أن يسجنه أو يأمر بضربه أو يناله حزن إذا كان قد ناله منه وجل، أو منعه من الخلاص منه تياره، فإما مرض يقع فيه من برد أو استسقاء، فكيف إن كان ذلك في الشتاء وكان ماؤه كدراً، فهو أشد في جميع ما يدل عليه، فإن قطعه وجاوزه أو خرج منه نجا من كل ما هو فيه من الغم والأسقامٍ، ومن كل ما يدل عليه من البلايا والأحزان. ومن استقى من نهر فشرب، أصاب مالاً من رجل خطير كقدر ذلك النهر. ومن دخل نهراً فأصابه من قعره وحل أو طين، أصابه هم من رجل حاله كحالة ذلك النهر في الأنهار. ومن قطع نهراً إلى الجانب الآخر، قطع هماً أو هولاً أو خوفاً وسلم منه إن كان فيه وحل.