الرحا: الطاحون تدل على معيشة صاحبها وحانوته، وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة وأمة. وربما دلت على السفر لدورانها، وربما دلت علىِ الوباء والحرب لسحقها. والعرب والشعراء كثيراً ما يعبرون بها عنهما، فمن اشترى رحاً تزوج إن كان عزباً، أو زوج ابنته أو ابنه أو اشترى خادماً للوطء أو للخدمة، أو سافر إذا كان من أهل السفر، وإن كان فقيراً استفاد ما يكتفي به، لأنّ الرحا لا يحتاج إليها إلا من عنده ما يطحنه فيها. وأما من نصب رحاً ليطحن فيها الناس على ماء أو بحر أو غيره، فإنّه يفتح دكاناً أو حانوتاً إن لم يكن له حانوت، ويدر فيها رزقه إن كان قد تعذر عليه، أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة، وكان له حس في الناس. وأما من تولى الطحين بيده، فإنّه يتزوج أو يتسرى أو يجامع، لأنّ الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة. وإن كانت بلا قطب، كان الجماع حراماً، وقد تكون امرأتين يتساحقان، فإن لم يكن عنده شيء من ذلك، فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين، أو يسافر في طلب الرزق. وأما الرحا الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع، فإن كانت بلد حرب، كان حرباً، سيما إن كانت تطحن ناراً أو صخراً. وإلا كانت طاحوناً، سيما إن كان المطحون شعيراً معفوناً أو ماء وطيناً ولحماً هزيلاً. وقال بعضهم: الرحا على الماء، رجِل يجري على يديه أموال كثيرة، سائس للأمور، ومن التجأ إليه حسن جده رأى رحاً تدور، در عليه خير بمقدار الدقيق. ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحا من جهة هذا المذكور. وربما كانت الرحا إذا دارت سفراً. فإن دارت بلا حنطة، فهو شغب والرحا إذا دارت معوجة، يغلو الطعام. ورحا اليد، رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما إصلاحهما. وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّ رحا تدور بغير ماء، فقص رؤياه على معبر، فقال: قد تقارب أجلك. ورحا الريح خصومة لا بقاء لها. وانكسار الرحا مختلف في تأويله، فمنهم من قال تدل على فرج صاحبها من الهموم، ومنهم من قال تدل على موت صاحبها. ومن رأى له رحا تطحن، أصاب خيراً من كد غيره. والرحا تدل على الحرب، لقول العرب فيها رحا الحرب.